السبت، 24 مارس 2012

إشارات تدل على عظمة الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى جميع أنبياء الله وبعد. قال الله تعالى {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ}، وقال بعضُ المادحين:





فيا عجباً كيفَ يُعصىَ الإله*** أم كيفَ يجحدُهُ الجاحِدُ

وفــــي كُــــلِ تحريكةٍ آية *** وفي كُلِ تَسكينَةٍ شاهِدُ

وفـــي كُل شىءٍ لهُ ءايةٌ *** تَدلُ علـــــــى أنَــــهُ واحـــدُ



هل تفكرتَ إذا سَكنَ الليلُ وعمَّ الظلام، وهدأت العيون، وغارتِ النجوم عظمة الله سبحانه وتعالى؟، أذكر قولَ الله تعالى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنّ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلا تَسْمَعُونَ}. وهل تأملتَ إذا بَزغَ الفجرُ وسطعَ الضياء كاشفاً عَتمَةَ الليل، وأشرقت الشمس فملئت الأفقَ ضياء ونورَ !! عندها قف وتفكر في عظمة الله الخالق العظيم وقدرته وعظيم فضله وكرمه وكثرة نعمائه على الناس، قال الله تعالى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، تفكر في هذا وقل سُبحان الله الواحد الأحد، سبحان الله الخالقُ العظيم: أي الله منزهٌ عن كُلِ نَقصٍ وعيبٍ كالشَبيهِ والمَثيلِ والولد والحَّدِّ والمكانِ والصورة والشَكلِ تعالى الله عن ذلك كله وتنزه، والله أعظمُ من كل عظيمٍ في القدر والجَلال، والخالق وحدهُ المُوجِدُ للأشياءِ من العَدمِ هوَ اللهُ جلَ جلالهُ. وإذا ما رأيتَ الجبالَ الشاهقة الشامخة الراسية الثابتة، تذكر عظمة الله تعالى كيف نصبَها ورفعَها وأمسَكها بقدرتهِ وجعلَ فيها الفوائدَ ومكنَّ الإنسانَ منَ الصعود والنزولِ عليها!، قال الله تعالى {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ}. وإذا رأيتَ خليةَ النَحلِ ودِقةَ ونِظامَ ما فيها من عجيبِ قدرة الله تعالى تعجب وتحتار في عظيم صنع الله تعالى كيف ألهمت بناء خليتها بطريقة مذهلة من الهندسة والنظافة والحفظ للعسل وكل ذلك مسخر للبشر!!، وانظر في مجموعات النملِ وأنواعها وما خلقَ الله فيها من الأعضاء الصغيرة ومن حمل غذائها وتكوين بيوتاتها وادخار الحبوب فيها بطريقة علمية فيها العجب!!، وكل ما خلق الله من مخلوقات عجيبة في هذه الأرض من حيوانات بديعة وهوامٌ ودوابٍ وفَراشٌ وزواحف وطيورٍ وسباعٌ وغيرها، كلُ ذلك ُصُنعَ الله وخَلقَهُ وحدهُ. ثمَّ انظر إلى السماء وما فيها وهى مرفوعةٌ فوقنّا وتَحِملُ ما فيها من مخلوقاتٍ من الجَنّةِ والملائكة الكرام سكان السماوات وغيرهم، وتأمل النجوم وزينتها وكثرتها وضوئها، ثم َّالشمس وحسنَها وجمالها مع شدة حرراتها واذكر عظيم نفعها وفوائدها، والكواكب وروعتها، والبدرُ وإشراقه واكتمالهُ واضمحلالهُ ومنازلَهُ وتحوله من مكانٍ لمكان ومن شَكلٍ لآخر وارتباط الناس به بالشهور والمواقيت وغيرها، والفضاء فسيح واسع برحابته، سترى جمالاً وحسناً مبهراً مُدهشاً يتوقفُ عندهُ أولى الألباب والعقول النيرة مُتفكرينَ متبصرينَ مستذكرينَ عظمةَ الخَالقِ العظيم، الله تعالى لا إله إلا هوَ خالق كل شىء ، قال الله تعالى {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ}. بل انظر إلى نفسكَ التي بين جَنبيكَ وما جعلَ اللهُ فيها من العجب العُجاب، فيا سُبحانَ من خَلقكَ، وعلى ما شَاءَ جَعلَ شكلكَ وهيئتَكَ، وأسمعكَ وأبصرك، وأضحكك وأبكاك، وأضعفك وقواكَ، قال الله تعالى {يا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ}. إنَّ الله تعالى صورَ الناسَ ووجوهم وهيئاتهم وجعل كل واحد على هيئة وصورة مختلفة!! وهو اللهُ من أسمائه المُصّوِر أي: خالقُ الصورِ في غيرهِ وهوَ ليسَ بذيِ صورةٍ ولا هَيئةٍ ولا كَميةٍ ولا يُشبِهُ شيئاً من خَلقِه، تذكر من أيّ شَىءٍ أنتَ وأينَ كُنتَ وكيفَ جئتَ للدنيا وكمْ أسبَغَ اللهُ عليكَ من نعمهِ، أُذكرْ تقلبكَ في الليل والنّهار وعجزكَ وضعفَكَ وافتقارك إلى الله تعالى، وتذكر أنَّ اللهَ ربَكَ هوَ اللهُ الموصوفُ بالعلمِ والسَمع والبصر والقدرة وكلُ ذلك ليسَ كصفاتِ الخلق فالله يَسمَعُ المَسموعَاتِ كُلها من غيرِ أُذنٍ وآلةٍ ولا جَارحةٍ بل صفاتهُ لاتُشبه صفات الخلق، وعلمُهُ سبحانه تعالى بالسرائر وما في الضَمائر، وأحاطَ بالأولِ والآخرِ، والبَاطن والظاهر والخفيّات والجَلياتِ والمُمكِنَات والمُستحيلات وما يكونُ وما لايكونُ. قال اللهُ تعالى {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}. اللهُ سبحانهُ وتعالى علم ما كانَ وما سَيكونُ وما لا يكونُ لو كانَ كيفَ يكون بعلمٍ واحدٍ أزلي غيرُ مخلوق، سُبحان الله ربي، الورقة لا تسقطُ من الشجرة إلا بعلمه، والهَمسَةُ الخَفيةُ تنبسُ بعلمِه وخلقه، و الكلمةُ تُقالُ بعلمِه وتقديره وخلقِه، و النيةُ تُعقَدُ بالقلب من غير تحريكِ شِفاه بعلمهِ ومشيئته، والقطرةُ الضَئيلة تنزلُ وتتحركُ بعلمه، والخطوة تُنقلُ بعلمهِ وخلقه، بل تقليبُ البَصر الذي لا يُحصيهِ أحدٌ بخلقه ومشيئته، ألا تَرى تَحرك عينكَ يُمنَةً ويُسرةً وفوق وتحت ومرةً تنظرُ إلى الأفقِ وأخرى إلى أنفكَ كُلُ ذلكَ بمشيئتهِ تبارك وتعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} سبحانه العظيم القدير، جاءت الصحابية الجليلة خَولَةُ بنتُ ثَعْلَبَةَ تَشتَكي إلىَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها، تُسرُّ إليه بحدِيثها وعائشةُ في نَاحيةٍ الغُرفة ما تسمَعُ حديثها، وينزّل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أوائلَ سورة المجادلة {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}، سبحان الذي وسعَ سمعهُ الأصواتَ كلها. فالله لا يخفىَ عليه شىءٌ يَسمَعُ المَسموعات كلها بسمعٍ أزلي يليقُ به سبحانه وتعالى، أرسلَ الله موسى إلى فرعون فذكر موسى جبروتَ فرعون وظلمهُ وبَطشَهُ، فقال الله تعالى {إنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}، ويأتى قومٌ من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولونَ يا مُحمد صِفّ لنَّا ربّكَ الذي تَعبُدْ؟ فينزلُ الوحي على رسول الله بسورةٍ جامعة من المعاني العظيمة في توحيد الله تعالى الكثير ومن كمال صفاته تبارك وتعالى، وهي سورة الإخلاص {قلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}، اللهُ الصَمَدُ معناهُ: الذي يَسألهُ الخلقُ وهو لا يحتاجُ إلى أحد، الصمدُ الذي يسألهُ الخلقُ عندَ النوائب والخطوب وبالليل والنّهار ومن في الأرض والسماء وهو غنيٌ مستغني عن الكُلِ، فإذا اضطربت بِكَّ الأمور، ووقعَ المَحذور، وضاقتْ بكَّ بالحوادثِ الصدور، اللهُ صَمَدٌ إرفع يديكَ إلى السمَاء مُتَنزَلُ الرحمات وقبلة الدعاء وادعو السميع البصير الكريم، بأكفُ الضارعين تطلب الغيث إذا تأخر نزوله، وتسأل الله الرزقَ، وترجوه رفعَ الضُرِ إذا خيّمَّ بظلاله، ومن للمُبتَلىَ إذا اشتدت بليتهُ وأدلهَمَتْ كُربتُه وضاقت به الدنيا إلاّ الله رب السموات مجيب الدعوات؟؟ من لهُ غيرُ الله الصَمد يُرجع إليه، من له غير الله الصمد يَشكو إليه، من للمريض على فراشه إذا ضاقت الحيل، وانقطعت السُبل، وضعف الأمل، وعمَّ القلبُ الوجَل، وقال الطبيب لا حل!!، من لهُ عندها إلا الله العظيم الصمد، فيا أيّها العبد إبتَهل إلى الله وابكى وادعو وارجو وألح.. تائبا متذللاً لمن يستحق العبادة والتذلل ربنا الله العظيم، فالله الصمدُ يشافي، ومن المرض يعافي، قال الله تعالى {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}، ومن للمضّطر إذا وقع بالمصائب؟ وتوالت عليه النوائب وضاقت به السُبل؟ قال الله تعالى {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ}، الله تعالى العظيم القادر لا إلهَ إلا هوَ، علينّا بالتفكر في عظيم قدرتهِ والنظر في ملكوته لمعرفةِ جبروتهِ بالنظر بعين الإعتبار في الخلق يدلُ على الخالق من تبصرَ في الكون وجِدَ آياتٍ وعلاماتٍ وإشاراتٍ تدلُ على أنَّ اللهَ هوَ الخالق الذي يجبُ علينّا أنّ نعبده ونعظمه ونؤمن به ونعتقد بصفاته كالعلم والسمع والقدرة والإرادة والحياة وأنه مُنزهٌ عن مشابهة الخلق وهو سبحانه كلامه ليس ككلام البشر، البَشر يتكلمون بالحرف والصوت المخلوق، وكلامُ الله تعالى ليسَ بحرف ولا صوت ولايشبه كلام البشر، وكذا سَمعه وبصرهُ وحياتهُ وبقائه وسائر صفاته، جلّت عظمتهُ وتنزه عن كل ما لا يليق به، على هذا يا عبد الله تفكر في خلق الله لتذكرَ وتتذكر إشارات وعلامات ودَلالاتٍ تدلُ على عظمة الله تعالى، اللهمَّ نسألك التوفيق لطاعتك والثبات على دينكَ يا أرحم الراحمين.